روايه مريم
يا حسرة !!
شوفي يا سمر يا حبيبتي إحنا مش أه معانا فلوس بس الحمدلله ربنا معوضنا بحاجات تانية
سمر و هي تسأله بدهشة
ربنا معوضنا بإيه يا فادي
أجابها و هو يأخذ منها ملك و يجلسها علي حضنه
أقولك ياستي مثلا ملك معوضها بينا إحنا الإتنين لما بابا و ماما ماتوا أنا و إنتي بقينا مكانهم بالنسبة لها يعني مش هتحس باليتم و أنا أنا بدرس الحمدلله و باقيلي السنة دي و هتخرج و هبقي مهندس زي ما كنت طول عمري بحلم باللقب ده و إنتي يا سمر إنتي أغني مني أنا و ملك
هه ! غنية إزاي !!
ربنا مديكي وش جميل إنتي جميلة يا سمر و رأس مالك في جمالك أي راجل غني و معاه فلوس يتمناكي و رفع إصبعه السبابة مكملا بشرط
بس تعززي نفسك إوعي تحسسي إللي قدامك بحاجتك للفلوس ماتخليش حد يعرف نقطة ضعفك ده إللي أنا طول الوقت بحاول أوصلهولك لازم تستقوي شوية و ماتبقيش سهلة أبدا الكل بيحوم حواليكي و أنا علي أد ما بقدر بوقفهم عند حدهم لكن خۏفي بقي من الناس إللي بتتعاملي معاهم برا مش عارف هتتصرفي إزاي لوحدك !
إنت خيالك واسع أوي يا فادي أنا مش جميلة الجميلات علي فكرة و بعدين أنا مابشوفش حد بيحوم حواليا !
فادي مشددا علي كلامه بصرامة
عشان أنا موقف الكل عند حده زي ما قلتلك محدش هنا يقدر يهوب ناحيتك و أنا موجود
رمقته بنظرات ساهمة و قد حلت علي ذاكرتها جميع المواقف ذات الدلالة علي كلامه
و تذكرت أيضا كرم شقيق الجارة عطيات التي تسكن فوقها كثيرا ما يدق بابها أثناء غياب فادي بحجة أشياء قام بإسقاطها رغما عنه من الشرفة بالأعلي فتدخل هي بحسن نية و تجلب إليه أشياؤه بإبتسامة رقيقة
فهمت سمر معني كلام أخيها الآن عندما تجلت أمامها الأمور أحست و كأنها أخذت صڤعة علي وجهها و لكن الصڤعة مفيدة و جاءت بوقتها فقد أفاقت و أزداد وعيها بما يدور من حولها
إيييه ياينتي ! روحتي فين قال فادي بتساؤل عندما أطالت في شرودها
أنا معاك أهو !
تمطي فادي بكسل
و هو يقول
لا معايا إيه أنا هستأذنك بقي و هروح أنام مش قادر خدي الأميرة الصغيرة دي و نايميها هي كمان شكلها نعسانة
و ناولها ملك ثم قام و مشي في إتجاه الباب
و لكن صوتها إستوقفه قبل أن يخرج
فادي !
فادي و هو يلتفت ثانية
أه كنت عايزة أقولك إني هبدأ الشغل من بكره
من بكره قال بدهشة و أردف بضيق
و عثمان بيه هو إللي قالك كده
أيوه
زم شفتيه في إستسلام ثم قال
طيب يا سمر بس ملك مين هياخد باله منها !
سمر و هي تطمئنه بثقة
ماتقلقش أنا إتفقت مع الحاجة زينب مرات عم صابر هسيبهلها الكام ساعة بتوع الشغل و هي هتاخد بالها منها ماتخافش يا فادي الحاجة زينب بتحب ملك و بتحب الأطفال عموما عشان إتحرمت منهم
أومأ فادي بتفهم و قال
ماشي بس أوعديني خلي بالك من نفسك
سمر بإبتسامة
ماتقلقش يا حبيبي أنا هبقي كويسة إن شاء الله !
7
أول يوم عمل !
صباح يوم جديد تستيقظ سمر كالعادة علي صوت زقزقة العصافير و أيضا علي صوت بكاء ملك الذي ينذر بإستيقاظها
تترك سمر فراشها بسرعة تسد أي ثغرة ينفذ منها شعور النعاس و العودة للنوم تذهب نحو سرير أختها تحملها و تؤرجحها بين ذراعيها قليلا ثم تعد لها وجبة سريعة اللبن المجفف خاصتها
يستيقظ فادي في هذه الأثناء لتسلمه سمر الطفلة ثم تتجه هي نحو الحمام
أدت روتينها اليومي و أغتسلت ثم عادت إلي غرفتها
فتحت خزانتها تستعرض الثياب المعلقة بها كلها قديمة و رثة لكن لا يهم هي لم تهتم يوما بالمظاهر و بما أنها ذاهبة للعمل فهذا الهدف سيكون أهم من أي شيء تتطلع إليه
يجب أن تكد و تعمل بجهد حتي تثبت لعثمان أنه لم يخطئ حين أختارها لهذه الوظيفة يجب أن تثبت إليه أنها تستطيع القيام بهذا العمل الذي ستمارسه لأول مرة
و ليس هكذا فقط ينبغي أن تجعله ينبهر بقدراتها أيضا و بالنتائج التي ستحصدها لما لا فهي ذكية و تملك عقل نبيه و ستتعلم بسرعة
إختارت سمر ثوب طويل باللون الأزرق إرتدت عليه حجاب أبيض اللون أبرز سمرة وجهها الناعمة الجذابة و عزز لون عيناها الممزوجتان بالأخضر و العسلي
إنتعلت حذائها البالي في الأخير ثم أخذت حقيبتها الصغيرة و خرجت إلي الصالة حيث فادي هناك يمشي طولا و عرضا بملك التي لا تكف عن الصړاخ كعادتها
توقف فادي عن الحركة لحظة ظهور سمر ثم قال و هو يشملها من بعيد بنظرة فاحصة
إيه ! خلاص ماشية يا سمر
سمر بإبتسامة هادئة
أيوه يا فادي قبل ماتروح إنت بقي علي كليتك ماتنساش تلم حاجات ملك و تديهم كلهم للحاجة زينب و إن شاء الله مش هتأخر
هتروحي نفس الشركة !
لأ ما أنا قلتلك هو أسس شركة جديدة لنفسه قرر يشتغل لوحده يعني و لغي حفلة الإفتتاح عشان إللي حصل لإبن عمه فالشغل هيبدأ عادي من إنهاردة منغير أي حاجة
فادي و هو يهز رأسه بتفهم
ماشي يا سمر ثم أوصاها مؤكدا
سمر خلي بالك من نفسك !
تنهدت بشئ من الضيق و قالت
حاضر حاضر يا فادي دي المرة المليون تقولي نفس الكلمة من إمبارح و الله هاخد باللي من نفسي ماتقلقش
حدجها بنظرات مترددة لكنها إستأذنته بسرعة
قبل أن يفه بكلمة أخري
يلا بقي أنا لازم أمشي دلوقتي عشان ماتأخرش مش معقول أتأخر من أول يوم كده يلا باي !
و هرولت إلي خارج المنزل تاركة إياه في حالة عدم رضا و عجز عن الرفض في آن فهم بحاجة إلي المال قبل كل شيء
في قصر آل بحيري يصحو عثمان من نومه إثر رنين جرس التنبيه المنبعث من هاتفهه
مد يده و أخذ الهاتف و أسكت ذلك الدوي المزعج ثم فرك عينه و هو يزفر بكسل
قام من سريره الوثير علي مضض ثم دلف إلي حمامه الفخم
أخذ دوشا ساخنا ليرخي عضلات جسده و يتخلص من رواسب اليوم الفائت
فرغ من إستحمامه بعد ثلث ساعة تقريبا ثم خرج و هو يلف المنشفة حول وسطه
توجه مبتل الخطي نحو غرفة الثياب الفاخرة الملحقة بغرفته
إنتقي بذلة سوداء اللون عصرية و بدون ربطة عنق من العلامة التجارية چي كرو و أرفق معها ساعة يد مصنوعة من البلاتين الخالص ثم إختار حذاء أسود لامع علي جوارب بنفس اللون
إرتدي ملابسه كلها ثم وقف أمام المرآة الضخمة قام بتمشيط خصيلات شعره الكستنائية الطويلة و مشط لحيته الكثيفة بعناية أيضا
نثر عطره الثقيل الجذاب علي وجهه و حول عنقه و أخيرا إنتهي
ألقي علي نفسه نظرة مغترة واثقة و عدل من هندامه للمرة الأخيرة ثم أخذ مفاتيحه و هاتفهه و غادر غرفته
إصطدم بهالة أثناء هبوطه الدرج فوقف و قال بإبتسامة إعتذار
هالة ! معلش خبطك ماخدتش بالي
هالة بإبتسامة متيمة
و لا يهمك يا عثمان محصلش حاجة
عثمان و قد لاحظ طريقتها الناعمة التي يعرفها جيدا
هو مافيش حد في البيت و لا إيه
لأ كلهم راحوا من شوية لصالح أصل إمبارح صافي أصرت تبات معاه في المستشفي و قالت مش هتروح إلا أما يجي حد يقعد معاه بدالها
أه طب و إنتي ماروحتيش معاهم ليه
بابي قالي خليكي دلوقتي عشان أستريح من السفر يعني و بعدين هيبقي يبعتلي السواق يوديني علي بليل كده ثم قالت بإبتسامة خجل
إنت رايح الشغل صح تحب أحضرلك الفطار طيب
عثمان بعذوبة
شكرا يا هالة إنتي عارفة أنا فطاري فنجان قهوة مافيش غيره و ده هاخده في الشركة
عبست بضيق قائلة
فنجان قهوة بس إنت لسا بردو متمسك بالعادة دي و الله هتقع من طولك يا عثمان و أبقي قول هالة قالت
عثمان ضاحكا بخفة
ماتقلقيش يا لولا يا حبيبتي إبن عمك جاامد أوي و غمز لها بعينه فأغرمت أكثر بتفاصيله الساحرة
بينما إنحني عثمان قليلا و طبع قبلة سطحية بريئة علي شعرها من جهة أذنها و قال
يلا بقي أنا ماشي عايزة حاجة
هالة بأنفاس متلاحقة
لا شكرا !
تجاوزها و يلوي ثغره بإبتسامة جانبية فيما هي لا زالت علي حالها ساكنة بمكانها مأخوذة مسرورة تتنفس بقية ذرات الهواء المعبقة بعطره
في المستشفي الخصوصي التي نقل إليها صالح مساء أمس
داخل هذا الجناح الواسع النظيف و المزود بأحدث الأجهزة الطبية يرقد صالح فوق ذلك السرير الأبيض
بينما صفية غافية علي كرسي بجواره ملقية برأسها علي كتفه السليمة
فتح صالح عيناه بتثاقل و أطلق تآوها مټألما إنتفضت صفية علي إثره مستيقظة
صالح ! قالتها صفية بتلهف و هي تعتدل في جلستها بسرعة و تابعت
إنت كويس يا حبيبي حاسس بإيه أندهلك الدكتور
حرك صالح رأسه للجهتين و هو يعصر جفناه من
الألم ثم قال بصعوبة
تعبآاان مش قآاادر جسمي كله قايد ڼار آاااه
صفية بعينان دامعتان
معلش يا صالح هتبقي كويس إن شاء الله هتقوم بالسلامة يا حبيبي ثم أرتمت علي صدره المضمد و هي تجهش بالبكاء و تقول من بين دموعها
أنا أسفة سامحني أنا السبب أنا إللي طلبت منك تنزل يومها لو ماكنتش نزلت ماكنش كل ده حصل سامحني يا صالح سامحني !
صآا في ! قالها بخفوت شديد لعدم مقدرته علي الكلام و أكمل بوهن
صف ية من فضلك خلاص كفاية إنتي كده بتتعبيني زيادة
إبتعدت عنه و هي تمسح دموعها بسرعة ثم قالت
خلاص مش هتعبك أنا سكت أهو
إبتسم بجهد و كم أراد أن يرفع يده ليربت علي شعرها لكن جسده خانه رافض كل أمر منه بالحركة فقط الآلم هو المسيطر الآن
حريق مستعر لا نهائي يمضي زاحفا بأصابع من لهب علي كافة أنحاء جسده و خاصة عظامه
هو إيه إللي حصل بالظبط سألها بصوت متحشرج
إنت مش فاكر أي حاجة !
صالح بإستذكار
أنا كل إللي فاكره إني كنت سايق بسرعة و فجأة نسيت عنوان المستشفي إللي خدته منك قلت أتصل بيكي أخده منك تاني و قللت السرعة بس بس السرعة ماقلتش زادت زادت أوي و كنت هخبط في عربية فدخلت في الطريق المعاكس و فجأة طلعت عربية تانية في وشي و مش فاكر أيه إللي حصل بعد