روايه الذئاب للكاتبه ولاء رفعت
انت في الصفحة 1 من 55 صفحات
رواية رائعة و كاملة بقلم ولاء رفعت علي
الاول
بداخل إحدي الأحياء الشعبية في وسط القاهرة
أصوات تتعالي وتردد تكبيرات صلاة العيد في مشهد يجعل قلبك يخفق بشدة من الفرح والسعادة وأنت تري هؤلاء الذين يفترشون الأرض في ساحة شاسعه في الشوارع بسجاجيد الصلاة معظم الرجال والشباب يرتدون العباءة ذات اللون الأبيض الناصع والنساء بعضهن ترتدي إسدال الصلاة الأنيق وأخريات ترتدي عباءة ذات اللون الأسود ويعلوها الحجاب ولاننسي الأطفال الذين يركضون هنا وهناك بين المصلين يرتدون ثياب العيد وبأيديهم البالونات والألعاب والجميع مستمر في ترديد التكبيرات في صوت مهيب تخشع له القلوب
بينما في الطابق الثاني بداخل شقة الشيخ سالم البحيري تقف تلك الجميلة ذات العينان الواسعتان بأهداب كثيفة وعدستيها البنيتان مثل لون البندق أمام المرآه المستديرة المعلقة علي الحائط ترتدي حجابها الأسود علي شعرها البني القاتم ليحاوط وجهها ذو البشرة الناعمة بللون الحنطة أنتهت من إرتداء الحجاب ثم خرجت من غرفتها ذات الحوائط المطلية بللون الوردي حيث يوجد بها مضجع من الطراز القديم الذي يعود إلي القرن الماضي وخزانة خشبية تتكون من ضلفتين ومكتب من الصاج يشبه المكاتب التي توجد في الهيئات الحكوميه قديما يعلوه علي الحائط مكتبة من أربعة رفوف بكل رف تتراص عليه العديد من الكتب
أنتبهت إلي الهاتف لتطلق تنهيده ثم توجهت نحو الشرفة ذات السور المعدني والمسند الخشبي وقفت بقامتها التي لاتتعدي 165 سنتيمر تنظر لأسفل لتجد تلك الفتاة ذات البشرة التي أكتسبت بعض السمرة من أشعة الشمس وعينيها التي تشبه أعين الهرة بللونها العسلي المزينة بكحل يعلو أهدابها ترتدي إسدال من اللون الأحمر القاتم
أشارت لها خديجة بيدها وقالت حاضر نازلة أهو بسرعه
قالتها ثم خرجت إلي الردهة لتتناول محفظة النقود خاصتها من فوق البوفيه المجاور لباب الشقة أخرجت المفتاح وفتحت الباب لتشهق پذعر وقالت هاااا حرام عليك ياطه مش تخبط الأول ولا ترن الجرس يا أخي
قطبت حاجابها بضيق وقالت رايحة أصلي العيد هكون رايحة فين يعني !! وأنت مش ناوي تركعها بقي
جلس ع الأريكة وزفر بحنق وقال وأنتي مالك أصلي ولا ما أصليش أنتي الي هتدخلي جهنم بدالي يعني!!
وقف پغضب محذرا إياها بسبباته وقال خليكي ف حالك أحسنلك ولا عايزة تخديلك قلمين ع الصبح!
صاحت في وجهه وقالت والله ياطه أنت لو ملمتش نفسك وتبطل تمد إيدك عليا لهقول بابا وخليه يتصرف معاك
ضحك بسخرية وقال تصدقي خۏفت ! يلا يابت من هنا روحي شوفي بتعملي أي
زفرت بتأفف ولم تجيب عليه ثم غادرت الشقة وهي تصفق الباب خلفها بقوة
في الأسفل مازالت تنتظر صديقتها ليأتي إحدي الشباب المتسكعين بالشوارع وقام بمغازلتها قائلا أي ياعم الأحمر الجامد ده ما
قاطع جملته ع الفور صڤعة قوية ع مؤخرة رأسه من ذلك الشاب ذو الواحد و الثلاثون عاما ليقف أمامه بطوله الفارع وبنيان جسده القوي يرمقه بنظرات ڼارية يمسكه من تلابيب قميصه وقال بصوت أجش
جري أي ياض يا ع الصبح قالها ثم وجه له لكمة قوية فصړخت شيماء
وقع الشاب ع الأرض وهو يضع يده في مكان اللكمة وقال بصوت مرتجف والله يا سطا عبدالله ما اعرفش إنها تخصك
جذبه عبدالله من زراعه لينهض وقال حتي لو متخصنيش أياك أشوفك تبص لأي واحده ف الشارع
ده أنت فاهم ياض ولا أفهمك !!
قالها وهو يوجه يده ف إستعداد تسديد لكمة أخري صاحت شيماء وقالت
خلاص بالله عليك يا
عبدالله
الناس عماله تبص علينا
رمقها بنظرات حادة بعينيه ذات اللون الأخضر جعلتها تصمت ودب الخۏف ف قلبها فقال بنبرة أمر روحي ع بيتكو يلا
أنا رايحة أصلي قالتها شيماء
ترك الفتي من قبضة يده وأقترب منها بجسده العريض لتقف أمامه پخوف وقال شيماء أنا قولت أي
جاء صوت خديجة لينقذها منه فقالت ف أي يا شيماء قالتها وهي ترمق عبدالله الذي مازال ينظر إلي شيماء بنظرات لو كانت نيران لأحړقتها حية
فأردفت ف أي ياعبدالله أحنا رايحين نصلي عايز منها أي ع الصبح
لم ينظر إليها فقال لشيماء روحي مع صاحبتك عشان تصلو وحسابك معايا بعدين ثم غادر من أمامهما
وضعت خديجة يدها ع عضد شيماء وقالت سيبك منه ده بوء ع الفاضي ويلا عشان نلحق الصلاه زمانها هتبدء
وفي ساحة المصلين تجلس امرأتان إحداهما سيدة في بداية الستينات وبمحاذاتها فتاة في أوائل العشرينيات
قالت السيدة بت يا فاتن شايفه البت الي لابسه عباية هناك دي
قالت فاتن أنهي واحدة ياما ما كل النسوان لابسه عبايات
لكزتها والدتها ف كتفها وقالت البت الي لابسه طرحة ازرق ف ابيض دي
قالت فاتن أنت أصدك ع البت رحمة بنت أم أسامة
لوت فمها جانبا وقالت أيوه يا أخرة صبري هي أي رأيك نروح نطلب إيديها للواد عصام أخوكي
قالت فاتن بإمتعاض دول شحاتين ياما ومش لاقين ياكلو ده غير عندها 25 سنة وعادل عايز عروسة ف حدود 20 سنة
قطبت حاجباها بضيق وقالت وأنت مالك يابت هو أخوكي يقدر يقولي لاء !!
رمقتها فاتن وقالت بسخرية أنتي هتقوليلي عليكي ده الكلمة كلمتك والشوري شورتك
رمقتها پغضب فقالت بتتريئي !! ماشي يابنت أبوكي شوفي مين بقي الي هيخليكي تخرجي تتفسحي مع خطيبك بكرة
قالت فاتن لاء والنبي أبوس أيدك كله إلا الخروج ماصدقت رجع من السفر
قالت بتهكم
الي يسمع كلمة السفر يفتكر أنه راجع ومعاه مال قارون ميعرفوش الوكسه الي هو فيها
قالت فاتن حرام عليكي ياما يعني هو ذنبه أي أنه أتنصب عليه
قالت والدتها طيب أسكتي ياختي وقومي عشان الصلاه هتبدأ أهي
وبداخل المسجد يقف الشيخ سالم البحيري إماما للمصلين ورفع يديه وقال الله أكبر ليردد من بداخل المسجد ومن بالساحة في الخارج خلفه التكبير
تقف خديجة بجوار شيماء وتلك السيدة وبجوارها إبنتها فاتن وتلك الفتاه التي تدعو رحمة والحزن يرتسم ع ملامح وجهها المستدير وعينيها اللوزيتان شاردة ف عالم أخر وهي تتذكر ليلة البارحة
فلاش باك
تجلس ع حافة السياج المطل ع نهر النيل وبجوارها ذلك الذي يلقي بعض الصخور الصغيره ف المياه
قالت رحمة وبعدين ياطه أخرة حبنا ده أي أنا عماله أرفض أي حد يجيلي ع أمل أنك تيجي تكلم أمي وتطلب أيدي منها
ألتفت لها ورمقها پغضب وصاح ف وجهها وقال عايزاني أعملك أي يعني ما أنتي عارفه الي جاي ع أد الي رايح وصاحب المحل الي بشتغل فيه يدوب بيديني كام ملطوش يدوب بجيب بيهم السجاير والباقي مصاريفي
صاحت ف وجهه هي الأخري وقالت هو أنا بقولك هاتلي شقه ملك ! ولا شبكة !! أنا كل الي قولتهولك إن مستعده تتجوزني ف شقة عم سالم ومش عايزة دهب غير حتة دبلة وممكن تجيبها دهب صيني
زفر بحنق وقالت ساخرا وبعدين!!! هصرف عليكي منين ده حتي أبويا يدوب معاشه مكفي مصاريفنا بالعافيه هقوم أجبلو بلوة تزيد الحمل عليه
شهقت پصدمة وقالت هااا ! أنا بلوة ياطه
قال بأقتضاب مكنتش أقصد أنا بديلك مثل
ألتفت ثم نزلت من فوق السور وقالت بصوت مرتفع ولا تقصد عموما متشكره جدا وآسفه جدا بس الأسف ده ليا أن ضيعت وقتي مع واحد مستهتر وأناني زيك
رمقها پحده ثم ألتف ونزل هو أيضا وقال وطي صوتك يارحمة صوتك ميعلاش عليا
قالت بإصرار وتحدي وڠضب كامن لا هعلي وهخلي كل الناس تعرف أنك ندل و لم تكمل جملتها ليقاطعها هو بصڤعة قوية ع وجهها وهو يزفر ويشهق بقوة
لم تتفوه بكلمة سوي تعالي شهقات بكاءها التي أجهشت به للتو لتركض من أمامه وتتجه نحو منزلها
باك
أنتبهت من شرودها لتجد الإمام قال سمع الله من حمده
ركع الجميع لتتعالي الهمسات أنحنت بجذعها وهي تسند يديها ع ركبتيها وقالت بصوت غير مسموع
سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد والشكر
في حديقة قصر آل البحيري
قصر لايوصف بالحديث عنه لابد من أن تراه بعينيك حتي تستمتع من رؤية ذلك البناء المعماري الضخم الذي شييد بمزيج من الطراز الكلاسيكي والحديث في آن واحد
له العديد من المداخل بحري وشرقي وقبلي وع كل مدخل لايقل عن حارسين بأجساد ضخمه وبالخارج حديقة شاسعه تحاوط القصر يوجد بها إسطبل للخيل ومنزل صغير متكون من العديد من الغرف وذلك للخدم
وجميع العاملين بالقصر وبخلف القصر يوجد مرآب يوجد فيه أسطول من
السيارات بجميع
الماركات العالمية الحديث منها والكلاسيكي
نذهب إلي الداخل حيث عالم آخر غير الخارجي تماما الجدران ذات الإرتفاع الشاهق المليئة بللوحات الفنية لأشهر الرسامين وخاصة من عصر النهضة كأمثال دافنشي البهو يشعرك بقشعريرة من نسمات الهواء البارد التي تلحف بشرتك عند دخولك لأول مرة الإضاءه معتمه الطلاء مزيج من الأسود والألوان القاتمة ولاسيما الديكورات والتماثيل البرونزية والفضية تشعر وكأنك في قصر الخديوي نصعد سويا علي ذلك الدرج المتسع تتوسطه سجادة بللون الأحمر القاني علي جانبيه درابزون من معدن النحاس في بدايته ونهايته تماثيل رومانية
وفي الطابق الثاني يوجد رواق كبير وطويل يتفرع منه العديد من الغرف ذات المساحات الشاسعة وبداخل أكبر الغرف أو بالأحري الجناح
الملكي كما يطلق عليه أبناء عزيز حكيم البحيري صاحب أكبر مجموعة شركات البحيري للصلب في الشرق الأوسط رجل يرتسم كلا من الهيبة والوقار علي
ملامحه التي تجعلك تشعر بالرهبة عندما تراه يبلغ خمسة وستون عاما
يقترب مبتسما أنسي ياهانم الي قولتيه دلوقت ومفيش خروج خالص أنتي فاهمه
ردت عليه بنفس مستوي الصوت المرتفع وقالت ليه إن شاء الله !! هو أنا مكتوب عليا كل عيد أتحبس ف القصر ومروحش لبابي
دفع ساعدها وألقي به وقال أنا مامنعتكيش تروحي لأهلك بس مش أول يوم العيد وكمان هم مسافرين وأنتي عارفة من أخر مرة وأنا منعك
قامت جيهان بفتح الباب وتنظر إليهما وقالت ف أي يا يوسف أنت وأنجي كل الي ف القصر سامع صوتكو ينفع كده ثم نظرت إلي إبنها وقالت ينفع كده يا حضرة الدكتور قالتها بنبرة تهكم
أجاب يوسف پغضب وقال يعني ينفع الي الهانم عايزه تعملو ده
أجهشت أنجي بالبكاء وركضت نحو جيهان وقالت شوفتي يا عمتو يوسف بيعمل معايا أي
صاح غاضبا وقال مش عايز شغل المحڼ ده والا
قاطعته جيهان وصاحت فيه پغضب وقالت ولد أخرص جري أي أنا مش ماليه عينك!!! وأي محڼ والألفاظ دي
نظر لأسفل بخجل وقال سوري ياماما بس بصراحة بتخلي الواحد يخرج عن شعوره
قالت أنجي وهي مازالت تبكي أصدك أي يعني أنت الي بقيت عصبي ومبقتش تطيق ليا أي كلمة حتي لوجي بنتك كل ماتيجي تقعد معاك تقوم مزعقلها
صحيح الكلام ده يايوسف قالها عزيز الذي دلف إلي الغرفة للتو
أجاب يوسف وقال يابابا حضرتك فاهم غلط كل القصه أن بقالي يومين منمتش بسبب العمليات الي كانت عندي في المستشفي وأنجي هانم مش مقدره ظروفي
أندفعت أنجي وقالت يا أونكل عزيز كل الي طلبته منه قولتلو عايزة أسافر مع بابي ومامي الجونة هيقضو إجازة العيد هناك ومن غير حتي مايتناقش معايا فضل
يزعق فيا
دفعت تلك
ألتفت إليهم جيهان وقالت بنبرة توبيخ عاجبكو الي بتعملو ده أنتو مش صغيرين ع خناقتكو الي مبتخلصش يلا هات مراتك ف أيدك وأنزلو عشان نفطر شوية وعمك سالم جاي هو وعياله
قالتها ثم غادرت فقالت أنجي بغرور وسخرية جايين زي كل مرة ياخدو الحسنة من أونكل عزيز
رمقها يوسف بعينيه السوداوين بإحتقار ثم زفر بحنق وقال مفيش فايده فيكي وعمرك ماهتتغيري قالها ثم غادر الغرفة وصفق الباب خلفه بقوة
يوسف البحيري ذو ثلاثون عاما يتميز بكونه طبيب ماهر في مجال الجراحة حيث أصبح مدير مشفي البحيري الإستثماري الذي يشاركه فيها خاله والد أنجي زوجته التي تصغره بعام ويدعي مهدي الدالي وهو من أكفأ الأطباء الذين نالو شهرة بداخل وخارج البلاد
وبعد أنتهاء صلاة العيد
مازالت رحمة تجلس في مكانها ولم تشعر بعبراتها التي تتساقط علي هاتفها الذي بيدها أنحنت نحوها خديجة وقالت كل سنة وأنتي طيبة ياجميل
لم تجيب عليها رحمة حتي لاحظت خديجة صديقتها تبكي فقالت مالك يابنتي بټعيطي ليه
رفعت وجهها وهي تكفكف عبراتها وقالت لاء مفيش حاجة عينيه ۏجعاني بس
رفعت خديجة إحدي حاجابها وقالت عليا أنا الكلام ده قوليلي هو طه زعلك
زفرت بضيق وقالت خالص بقي ياخديجة قولتلك مفيش
نهضت خديجة وقالت لها براحتك يارحمة أنا ياما حذرتك وقولتلك بلاش طه أخويا ده ليه دماغ لوحدو مسمعتيش كلامي وروحتي مشيتي نفسك بدل ما أنتي معلقة نفسك ف أوهام
رمقتها خديجة بإمتعاض ولم تتفوه بكلمة ثم تركتها وغادرت وهي تبحث عن صديقتها الأخري التي أختفت حيث قد نسيت هاتفها معها
تمشي بخطي مسرعة إلي البناء التي تقطن فيه ودلفت إلي الفناء لتجد يد تجذبها إلي داخل غرفة صغيرة شهقت پذعر وقالت هااا يخربيتك خضتني
رمقها بنظراته الحاده وقال مش رمقتهم بإزدراء
خرج عبدالله بدون أن ينظر لها وقال
سلام عليكو ثم غادر وهو يعدل من هندامه
أقتربت شيماء نحو خديجة بخجل شديد وهي تمد يدها إليها بهاتفها أخذته منها پعنف