الأربعاء 27 نوفمبر 2024

منال سالم

انت في الصفحة 32 من 80 صفحات

موقع أيام نيوز


حقدا واستدار مبتعدا عنه كور الأول قبضته متوعدا
هنشوف مين هيضحك في الآخر!
حاصر الهم ملامحها فكانت مكللة بأحزانها ولما لا تستاء وشقيقتها قد طلبت منها فعل ما تعجز عن البوح به لابنتها ظلت عقيلة تتحاشى الجلوس بمفردها معها لئلا تضطر لإخبارها بما قررته خالتها بالنيابة عنها في ليلة زفافها مما دفع فردوس للاسترابة في أمرها فوالدتها كانت غريبة التصرفات مؤخرا. لم تترك عقلها لخواطرها المحيرات واستطردت تسألها في جدية حينما كانت منزوية بالشرفة

يامه إنتي بقالك كام يوم متغيرة في حاجة حصلت
اضطربت وارتبكت واعتلى وجهها القلق في التو أنكرت ما يشغل تفكيرها مرددة
لأ يا دوسة كله تمام.
ومع ذلك لم تشعر بالارتياح ما زال هناك ما يؤرق والدتها وهذا الشيء كان جليا في نظراتها الآسفة نحوها. صممت عليها دون اقتناع
أومال أنا حاسة ليه إنك مخبية عني حاجة.
اهتزت نظراتها إليها وبدا وكأن الدموع تشق طريقها إلى عينيها استشعرت فردوس الخطړ وسألتها في شك
عوض مش عاوز يكمل الجوازة مڠصوب عليها زي أخوه
شهقت صغيرة خرجت من بين شفتيها ثم هتفت نافية ذلك في الحال
وربنا ما حصل.
سألتها في إلحاح مستنكر
طب في إيه
ادعت رغم نبرة الصدق الظاهرة في صوتها
أنا هفضل جمبك ويوم والتاني هتلاقيني عندك.
شاركتها في إحساسها المرهف وقالت وهي تسحبها لتضمها إليها في صدرها
تعيشي يا ضنايا.
طمس الوقائع وما على هذه الشاكلة لم يؤثر على الحقيقة الجلية بأن الحياة معه لن تكون إلا چحيما ممتدا وهي لا تتحمل ذلك أبدا في لحظة بعينها ستنهار وقد تفعل ما لا يحمد عقباه. مرة ثانية استغربت تهاني من مجيء ممدوح لزيارتها لكنها لم تكن كالسابق في وضع مهمل ومزري بدت هادئة أكثر وأنيقة. استقبلته في الصالون برسمية وجمود ومع ذلك بدا شديد الأريحية معها انتظرت ذهاب الخادمة لتسأله دون استهلال
ممكن أعرف سبب إنك موجود هنا تاني
نظر لها مليا بعينين تتفرسان فيها بتدقيق وهو يغوص بجسده في الأريكة فأكملت بنبرة متهكمة ومغلفة بالمرارة
أنا دلوقتي أحسن مافيش خوف مني.
حمحم قائلا بهدوء وعيناه مرتكزان عليها تماما ليرى ردة فعلها
دي وصية مهاب!
سألته في تحفز مصحوب بالضيق
ليه معينك الحارس الخاص
استمتع برؤيتها تبدي التعبير الذي أراده ثم أجابها باسما وهو يرفع حاجبه للأعلى قليلا
ممكن تقولي حاجة زي كده ولو إني أفضل إنك تعتبريني ملاكك الحارس!
كررت كلمته الأخيرة في استنكار
ملاك
هز رأسه إيجابا فأخبرته بتهكم ممزوج بالإهانة
أنا مشوفتش هنا إلا شياطين وبس!!
وكأنها أعطتهما الوصف الملائم لشخصيهما الوضيعين فسألها متغاضيا عما فاهت به
سيبك من ده وقوليلي عاملة إيه دلوقتي
أغمضت عينيها للحظة وأجابتها في صوت شبه حزين وآسف
زي ما أنا خسړت أحلامي وبقيت محپوسة هنا بين أربع حيطان.
ساد وجهه علامات المكر وسألها في تعاطف خبيث
ليه بس ما إنتي تقدري تخرجي وتروحي أي مكان طالما أنا معاكي فيه.
حدجته بهذه النظرة الغريبة فتابع على نفس المنوال
ولو حابة ترجعي شغلك تاني مافيش أي مشكلة.
قالت بغير اقتناع
شغلي
قال مؤكدا لها عن ثقة عجيبة
أيوه فرصة تلهي نفسك في حاجة بدل الفراغ الكبير اللي إنتي فيه وخصوصا إني
زعلت لما عرفت إنك سبتي دراستك مكانش لازم تعملي كده.
تعمد إثارة هذا الموضوع مرة ثانية بداخلها ليزيد من كراهيتها له ونجح ببساطة في مسعاه تبدلت تعبيراتها للوجوم وهتفت في ضيق قد ملأ صدرها
شوفتني كنت موافقة يعني
ادعى اهتمامه بأمرها فاعتذر في التو
أنا أسف المفروض أفهم إنه كان ڠصب عنك عموما المهم عندي دلوقتي إنك تكوني بخير.
وقتئذ طالعته تهاني مطولا بشيء من الحيرة والتخبط خاصة مع سوء اختيارها وتبعات ذلك وفهم ممدوح ذلك من نظراتها إليه فبات شبه واثق من الدرب الذي سيسلكه لإفساد راحة رفيقه.
سعل سعلة حرجة آلمت حلقه فأشار بيده للممرضة المرابطة بجوار فراشه لتأتي له بالماء ساعدته على شرب القليل ثم أراح رأسه على الوسادة وهو يحدق أمامه لينظر إلى ابنه وهو 
حمدلله على السلامة يا باشا.
لم ينبس السيد فؤاد بشيء فعاتبه ابنه بودية حذرة
كده تقلقنا عليك
عندئذ لامه والده بوجه مكفهر
يعني مش عارف أنا تعبت من إيه
سلط مهاب عينيه على الممرضة ليشير لها بالانصراف دون أن يفوه بكلمة امتثلت لأمره غير المنطوق وغادرت الغرفة في هدوء تام ليقترب بعدها من فراش أبيه متحدثا إليه بابتسامته المعهودة
اطمن يا فؤاد باشا أنا عمري ما أخذلك.
سأله في استعتاب غليظ
وجوازتك الخايبة دي تسميها إيه
سحب مهاب المقعد ليضعه على مقربة منه جلس عليه وأخبره بكلمات شبه موحية
راجل ومتغرب وعايش لواحدي .. يعني محتاج واحدة تشوف طلباتي.
ضاقت عينا فؤاد بغير رضا ومع ذلك أنصت لابنه وهو يوضح له أسبابه باستفاضة
وأنا قاصد أتجوز واحدة كده مقطوعة من شجرة تكون تحت رجلي وفي أي لحظة أقدر أرميها من غير مشاكل ولا ۏجع دماغ ده غير إني عاوز أجبر بيها واحدة في دماغي من صفوة
زوى ما بين حاجبيه سائلا
واسم العيلة
أكد له بما لا يدع مجالا للشك
اطمن .. محفوظ وعمري ما اسمح لحد يلطخه ولو عاوزني أطلقها في لحظة هعمل كده.
أبقى والده على صمته ولم يعلق بشيء مما دفع ابنه للتأكيد مرة ثانية عليه
كلها مصالح وأنا فاهم بعمل إيه كويس.
ثم مد يده ليمسك بكفه ضغط عليه برفق وطلب منه بحذر
المهم عندي ماتتعبش نفسك دلوقتي وترتاح.
من الناحية الأخرى وعلى مقربة منهما تلصص سامي عليهما في حيطة ليعرف ما الذي يدور بينهما من ورائه امتلأ صدره بالغل والحقد وهو يرى كيف استطاع خداع أبيه وجعله يتخذ 
عرفت تضحك عليه تاني طب أعمل إيه عشان أكسبه في صفي!!
قبل أن تتشبث برأيها وتحلق خلف أحلامها كانت مدركة للهوة العميقة التي وجدت بينها وبين عائلتها ومع ذلك اشتاقت كثيرا لنزاعهما الخالي من أي مكائد ففي الأخير لم تقم والدتها ستحظى بنعيم الدنيا ومتعها وفي النهاية سقطت في قعر الچحيم. كم ودت لو هاتفتها وأطلعتها على ما مرت به لكنها خشيت من عتابها القاسې! تراجعت عن رغبتها تلك وانخرطت في همومها.
ملازمته لها خلال هذه الفترة أفادها إلى حد ما وهونت عليها الكثير بالرغم من إنكارها للتصريح بذلك علنيا أثرت الاحتفاظ بما تشعر به لنفسها تجنبا لأي مشاكل قد تطرأ من لا المسارح. انتظرت رفع الستار لمشاهدة العرض الاستعراضي لإحدى فرق الأداء القادمة من الخارج. كانت جالسة في الصفوف الأمامية في المنطقة المخصصة لأهم الضيوف لم تشعر ككل مرة بالفخر والغبطة بل بدت مشاعرها فاترة مشوبة بالضيق نظرت حولها في غير مبالاة إلى أن تكلم ممدوح فجأة وهو يمد يده بعلبة ما صغيرة الحجم مغلفة بورق مفضض
اتفضلي.
سألته وهي تتناولها منه
إيه دي
احتفظ بابتسامته الهادئة وهو يخبرها
هدية بسيطة.
اندهشت من الأمر وسألته مستفهمة وهي تحرك يدها بها
في مناسبة معينة
أجابها في بساطة شديدة جعل داخلها يرتبك تحيرا
لأ بس أنا كنت
حابب أجيبلك حاجة تفرحك.
ترددت في أخذها منه وقالت بحرج وهي تعيدها إليه
شكرا مكانش ليها داعي.
أصر عليها بملامح جادة
هزعل جدا لو رفضتي تاخديها.
دون أن يتكلم سرعان ما سحبت تهاني يدها وبدأت تفض الورق اللامع لتنظر إلى ما أحضره تفاجأت بزجاجة عطر باهظة الثمن رفعتها إلى مستوى نظرها متأملة إياها بانبهار واضح قبل أن تتحول عيناها إليه متمتمة بابتسامة رقيقة
برفان!
بادلها الابتسام وهو يقول بشيء من التمني
يا رب يعجبك أنا مش عارف إنتي بتحبي أنهو نوع بس حسيت إن ده مناسب لشخصيتك أكتر.
نزعت الغطاء ونثرت القليل من العطر في الهواء لتستنشق رائحته بعمق تغلغلت في رئتيها وأنعشتها مجددا نظرت ناحيته لتخاطبه بملامح مبتهجة قليلا
ريحته جميلة أوي.
علق عليها في انتشاء
مبسوط إنه عجبك.
وضعت العلبة مع غلافها المفضض في حقيبتها وواصلت كلامها إليه
متشكرة جدا يا دكتور ممدوح.
قال عن قصد ليزيد من ربكتها
أنا اللي شاكر جدا للبهجة اللي بترسميها بوجودك في المكان.
رمشت بعينيها في دهشة متعجبة فاستأنف بهدوء وكأنه لم يقل إلا ما رآه مناسبا
عجزت عن إيجاد المناسب من العبارات لتوصيف ما يفعله فعبرت عن ذلك بغير مبالغة
مش عارفة أقول إيه قصاد اللي بتعمله ده كله.
رسم على ثغره هذه الابتسامة الرائعة مخاطبا إياها
ولا حاجة كفاية إني أشوفك مبسوطة كده.
وليضمن إبقاء تأثيره عليها أضاف عن عمد
وما تشليش هم مهاب أنا كفيل أقنعه بأي حاجة.
بلا تفكير أخبرته في نزق
يا ريت لو تقدر تخليه يطلقني.
سكت للحظات قبل أن يفوه بحذر
هحاول بس خدي بالك هو دايما عنيد في حاجات معينة.
بغصة مؤلمة في حلقها اعترفت پألم
المشكلة إني مش فارقة معاه أصلا.
رد عليها بصوته الهادئ
الوضع بقى دلوقتي مختلف.
وكأنه تتأكد مما لمح إليه فسألته
قصدك بسبب الحمل
أيوه.
غامت تعابير وجهها فأوضح لها بنوع من التحذير المستتر
ده هيخليه يفكر مليون مرة قبل ما ياخد قرار باعتبار إن اللي في بطنك يخصه.
قالت في أسى
صعب أجيب طفل أظلمه بأب زيه إنت مش عارف هو وحش إزاي.
انتهز الفرصة وحاول استمالتها قدر المستطاع لتثق أكثر فيه قائلا
كل مشكلة وليها حل خلينا بس دلوقتي نستمتع بالأجواء الجميلة دي.
هزت رأسها موافقة وسألته
هو العرض هيبدأ امتى
قال مشيرا بعينيه نحو الستارة الحمراء
أظن خلال 5 دقايق بالكتير.
يتبع الفصل الخامس عشر الجزء الثاني
الفصل الخامس عشر الجزء الثاني
ليلة مغلفة بالدموع
ما لم تفهمه حتى هذه اللحظة هو إصرار رفيقه على ملازمتها كظلها ليل نهار وكأن لا عمل له سواها هي وحدها يبذل أقصى طاقاته للترفيه عنها والترويح عن نفسها فتنسى الفترة العصيبة التي مرت بها. استنكرت تهاني استغراقها في التفكير في شأنه أكثر من الحد المقبول وكيف لها ألا تفعل وقد استحوذ على الفراغ الطويل المستبد بها بحضوره وتسليته في ظل غياب زوجها المستمر لن تنكر أنه أظهر لها جانبا من الاحترام ذاك الذي تمنت أن يكون صادرا من شريك حياتها المزعوم لكن للأسف الأخير تعامل معها كوعاء لإفراغ عواطفه بها لا ككيان رقيق وهش يحتاج للعناية والرعاية. 
زجاجة العطر التي أهادها لها ممدوح بعد ليلة دافئة وعامرة بالاهتمام كانت شاهدا على الفارق بين الصديقين في المعاملة نثرت تهاني رائحتها المٹيرة على جسدها وهي مسجاة على سريرها استنشقت عبيرها الساحر بعمق حتى شعرت بها تسكرها تبسمت في مرارة وخاطبت نفسها في ندم
مش لو كنت صبرت شوية كنت آ...
عجزت عن إكمال جملتها للنهاية وكأن الكلمات تجمدت على طرف لسانها فلم تستطع الإفلات من بين شفتيها كان من غير الصواب أن تعقد مثل هذه المقارنة بينهما لكنه من دفعها لذلك بتصرفاته القاسېة معها. تغلغلت الرائحة أكثر في رئتيها فتذكرت كلام ممدوح معها وهو يستحثها على العودة لمتابعة دراستها مع وعده بتقديم كامل العون لها لتحقق ذاتها جرفها ذلك العلمي للتمسك بأمل جديد في عدم الاستسلام لحصار مهاب المهلك عليها بمقاومته فإذ ربما تظفر بأي شيء ينسيها خطئها.
امتلأ السطح عن آخره بالمدعوين من الجيران والمعارف والأقرباء لحضور
 

31  32  33 

انت في الصفحة 32 من 80 صفحات