روايه مريم
الغرف كلها و خرج باقي أفراد العائلة بثياب النوم و قد إجتذبهم صوت رفعت المجلجل ..
في إيه رفعت .. قالها يحيى البحيري بتساؤل و هو يتقدم صوب أخيه بتباطؤ
بينما أهمله رفعت ليصيح بإبنه في نفس اللحظة
إنت يا متخلف . عامل مشاكل ليه .. يعني إيه مش عايز تتعالج إنت إتجننت .. يعني إيه إنت حر .. أقسم بالله يا صالح لو ما إتعدلت لهعرف شغلي معاك . تخرج طب إبقي وريني كده هتخرج إزاي . وديني لأربيك من أول و جديد !
في إيه يا رفعت إيه إللي حصل ماله صالح !
رفعت بعصبية
البيه قال مش عايز يتعالج . محدش في المستشفي عارف يلمسه و الدكتور بيقولي أنا خليت مسؤوليتي !
في هذه اللحظة برز صوت بكاء صفية التي لم تحتمل سماع المزيد فهربت إلي غرفتها مسرعة ..
طيب هتعمل معاه إيه لازم نعقله بسرعة الولد ده مش هينفع كده !
رفعت بضيق
أنا رايحله دلوقتي و هشوف هعمل إيه معاه.
خدني معاك يا بابي .. قالتها هالة بتلهف و هي تركض نحو والدها ليرد رفعت بقسۏة
أنا مش فاضي أجر و أسحب ورايا . خليكي هنا لحد ما أشوفلي صرفة معاه !
أنهي عبارته بصرامة لا تقبل الجدل ثم رحل
ضمھا إلي صدره و هو يمسح علي شعرها بحنان قائلا
بس يا حبيبتي . إهدي . ماتقلقيش أخوكي هيبقي كويس إن شاء الله . هو بس حالته النفسية مش مظبوطة و مش فاهم وضعه أوي .. ثم تنهد تنهيدة طويلة و أردف
بصي إحنا هننزل نفطر دلوقتي و بعدين هاخدك و نروح علي المستشفي سوا . ماشي
و من علي بعد كانت أعين فريال تراقب هذا المنظر المبهج بسعادة
لتلتقي عيناها فجأة بعيني زوجها الذي أخذ يرمقها بنظرات ولهة لا تنتهي أبدا و لا يقل منها الشغف مهما نهل و شبع من حبها ...
في منزل سمر .. كانت راقدة بإستسلام في فراشها
سمر ! سلامتك يا حبيبتي . ألف سلامة عليكي . ماتخافيش إنتي كويسة مافكيش حاجة.
سمر بنبرة خاملة متداخلة الأحرف
ف ف ا دي ! .. إ إ ي ه إ لل ي ح
حص ل !
ماحصلش حاجة يا حبيبتي . ضغطك وطي شوية و أغم عليكي . بس دكتور حسين الصيدلي جه شافك و قال إنك كويسة أوي لكن ناقصة غذا .. ثم أردف بنبرة معذبة
سمر و هي تهز رأسها للجانبين
إنت مالكش ذنب يا فادي . إنت ماعملتش حاجة يا حبيبي ماتتآسفش .. و حتي لو عملت إيه . أنا مسمحاك.
فادي بإبتسامة حزينة
أنا بحبك يا سمر . إنتي أختي و أنا بحبك و بخاف عليكي . ماقصدش أزعلك و الله.
سمر بإبتسامة مماثلة
و أنا كمان بحبك و بخاف عليك يا حبيبي . و بحب ملك و بخاف عليها بردو و مستعدة أرمي نفسي في الڼار عشانكوا إنتوا الإتنين.
ماتقوليش كده .. إحنا هنبقي كويسين و قريب أوي مش هنحتاج لحد . مش ده كلامك و لا إيه
سمر بمرارة
أيوه .. إن شاء الله !
لاحظ فادي تقلص قسمات وجهها فتساءل بقلق
مالك يا سمر إنتي كويسة !
كانت ذاكرتها قد إستعادت أحداث صباح اليوم و رغم الآلم الجسيم الذي شعرت به في هذه اللحظة إبتسمت و هي تجيبه
أنا كويسة يا حبيبي . إطمن . حاسة بشوية دوخة بس !
و لا يهمك ياستي . ماما زينب كانت هنا من شوية و أصرت تنزل تعملك غدا بنفسها . شوية كده و هتطلع تآكلك بإيديها كمان.
سمر بضيق
طب ليه يا فادي ليه تتعبها كنت خد فلوس من شنطتي و أنزل إنت هات أكل . ليه تخليها تعمل كده !
و الله فكرت في كده و إتحايلت عليها كمان بس هي إللي أصرت . ماعرفتش أقنعها و الله صدقيني !
تنهدت سمر بسأم ثم قالت
خلاص .. إللي حصل حصل . و كتر خيرها بردو .. بس ماقولتليش أنا وصلت لهنا إزاي !
فادي پغضب دفين
خميس هو إللي جابك . شافك و إنتي بتقعي من طولك في أخر الشارع فجري عليكي و جابك علي هنا.
لم تعلق سمر بعد هذا و آثرت الصمت حتي لا يزداد ڠضب أخيها
ليسألها فادي بإهتمام
صحيح إنتي إيه إللي رجعك بدري إنهاردة !
سمر و هي تجيب بشئ من الإرتباك
و لا حاجة . أنا بس حسيت إني تعبت فجأة و مابقتش مش مركزة في الشغل . فإستأذنت و رجعت بدري !
أومأ فادي بتفهم ثم قال ملقيا اللوم علي نفسه ثانية
هرجع و أقول أنا السبب بردو . يعني لو كان أغم عليكي في مكان تاني كان إيه إللي ممكن يحصلك !
خلاص بقي يا فادي .. بطل تعاتب نفسك . و صدقني أنا بقيت كويسة دلوقتي.
و أمسكت بيده و هي تضغط بقوة لتبرهن له كلامها ..
إبتسم فادي و هو يقول بلطف
طيب . بما إنك فوقتي و بقيتي كويسة أنزل أنا بقي أجبلك شوية فاكهة و عصير . لازم تتغذي كويس زي ما دكتور حسين قال.
و إنحني ليقبل جبينها ثم قال
مش هتأخر عليكي !
في المشفي عند صالح ... يقف رفعت أمام سرير إبنه و نظرات الڠضب تتقافز من عينيه بينما ينظر صالح للجهة الأخري غير آبه بكلمة واحدة مما تفوه بها سواء الطبيب أو والده
يعني إنت مش همك .. قالها رفعت و هو يضغط علي أسنانه بقوة
ليجيب صالح ببرود و دون أن يغير من وضعيته
أه.
رفعت بعصبية
جاك هوا يا قليل الآدب . طب إيه رأيك هتتعالج ڠصب عنك !
هنا نظر صالح إلي والده و قال بهدوء
مش هتعالج يا بابا . أنا حر .. ثم أكمل و هو يرمق الطبيب بنظرات ذات مغزي
و إللي هيحاول يلمسني أو يجي جمبي تاني إزاز نضارته هيدخل في عينه المرة الجاية.
زم الطبيب الشاب شفتاه بحنق و هو يرفع يده و يتحسس بأنامله تلك الکدمة الزرقاء أسفل عينه اليسري ما زالت حديثة و ما زالت تؤلمه أيضا منذ الصباح
و كل هذا لأنه حاول بدء أولي جلسات العلاج مع صالح .. الأثرياء يا لهم من همج !!
يابني إنت بالطريقة بتعاند نفسك مش حد تاني ! .. قالها رفعت رافعا إصبعه السبابة في حركة إنذارية
صدقني هتندم.
صالح بإبتسامة باهتة
لا ماتقلقش يا بابا .. أنا خدت القرار ده و أنا متأكد إني مش